الرئيس السيسي يشارك أعضاء المجلس الأعلى للشرطة في صورة تذكارية
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في صورة تذكارية مع الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، واللواء محمود توفيق وزير الداخلية وأعضاء المجلس الأعلى للشرطة، فور وصوله لأكاديمية الشرطة حيث يشهد احتفالية وزارة الداخلية بعيد الشرطة.
وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء، الاحتفال بالذكرى ال(72) لعيد الشرطة، والذي يوافق 25 يناير من كل عام؛ وذلك بمجمع المؤتمرات بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، وبدأ الحفل بتلاوة أيات من القرآن الكريم.
وكان الرئيس السيسي قد وصل إلى مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة؛ حيث كان في استقباله اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وتم فور وصوله، استعراض حرس الشرف، وعزف السلام الجمهوري.
ويأتي عيد الشرطة إحياء لذكرى معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، حين هجمت قوات الاستعمار البريطانى على قسم الشرطة فى الإسماعيلية، وطلبت من ضباط وأفراد الشرطة تسليم أسلحتهم والرحيل من القناة إلى القاهرة، لكن صورة المعارك بين المصريين والاستعمار الأجنبي مرت أمامهم كشريط عرض سينمائى مما زادهم إصراراً على تحمل المواجهة، وعدم الانصياع لقائد القوات البريطانية.
كان لقرار عدم الانصياع لتهديد قائد القوات البريطانية ضحايا من رجال الشرطة دفعوا حياتهم ثمنا، حينما رفضت قوات الشرطة، تسليم محافظة الإسماعيلية للبريطانيين، رغم قلة أعدادهم، وضعف أسلحتهم، سقط العديد من الشهداء، ومئات الجرحى، ولكن هذا اليوم اكتسب خصوصية أكبر بالنسبة لأهل الإسماعيلية، الذين تكاتفوا لمقاومة المحتل، فتقاسم رجال الشرطة ومحافظة الإسماعيلية هذا اليوم ليكون عيدًا لهم ولكل المصريين.
بالعودة إلى يوم 25 يناير من عام 1952، وتقريبا فى السابعة صباحا، تحركت قوات بريطانية (7 آلاف ضابط وجندي) من معسكراتها إلى شوارع الإسماعيلية، وسط عشرات من الدبابات والعربات المدرعة ومدافع الميدان وعربات اللاسلكي، واتجهت إلى مبنى قسم البوليس "الشرطة" بمحافظة الإسماعيلية، والتي كان داخله وقتها أكثر من850 ضابطًا وجنديًا، وضربوا حصارًا محكمًا.
وخلال الحصار أرسل القائد البريطاني بمنطقة القناة -"البريجادير إكسهام"- إلى ضابط الاتصال المصري، -المقدم شريف العبد-، إنذارًا طلب فيه أن تسلم جميع قوات الشرطة وبلوكات النظام في الإسماعيلية أسلحتها، وأن ترحل عن منطقة القناة في صباح اليوم نفسه بكامل قواتها إلى القاهرة؛ مهددًا باستخدام القوة في حالة عدم الاستجابة إلى الإنذار.
اتصل اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام، وعلي حلمي وكيل المحافظة بوزير الداخلية، "فؤاد سراح الدين باشا"، في منزله بالقاهرة فأمرهم برفض الإنذار البريطاني ودفع القوة بالقوة والمقاومة حتى آخر طلقة وآخر رجل.
مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى السادسة صباحًا، انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبني المحافظة وثكنه بلوكات النظام.
ساعات متواصلة من القذائف داخل القسم، تقوضت خلالها الجدران، وسالت الدماء، أمر بعدها "إكسهام" بوقف الضرب، لكي يعلن لرجال الشرطة المحاصرين إنذاره الأخير، وهو التسليم والخروج رافعي الأيدي بدون أسلحتهم، وإلا فان قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
"لن تتسلموا منا إلا جثثاً هامدة ".. كلمات جاءت من النقيب مصطفى رفعت، في وجه العدو، فانطلقت المدافع مرة أخرى، وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المباني حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت في أركانها الأشلاء، وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين في مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لي إنفيلد) أقوى المدافع، وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم وسقط منهم في المعركة 50 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين13 قتيلًا و12 جريحًا، وأسر البريطانيون من بقي منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف، ولم يفرج عنهم إلا في فبراير 1952.
تعود الأحداث حينما كانت منطقة القناة تحت سيطرة القوات البريطانية بمقتضى اتفاقية 1936، وكان بمقتضاها أن تنسحب القوات البريطانية إلى القناة، وألا يكون لها أي تمثيل داخل القطر المصري غير منطقة القناة، والمتمثلة في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، وقام المصريون بتنفيذ هجمات فدائية ضد القوات البريطانية داخل منطقة القناة، وكانت تكبد بريطانيا خسائر بشرية ومادية فادحة كل يوم تقريبًا.
وكان الفدائيون في هذا التوقيت يعملون بدون تنسيق بينهم حتى قام فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية حينئذ، بدور بالغ الأهمية وهو توحيد صفوف الفدائيين والتنسيق فيما بينهم، وتم تكبيد القوات البريطانية خسائر كبيرة بعد التنسيق بين الفدائيين، الذى قام به سراج الدين، وكانت منطقة الإسماعيلية في هذا التوقيت تنقسم إلى قسمين الأول للحي الإفرنجي، ويسكن به الإنجليز، والثاني البلدي ويسكن به المصريون، مما اضطر الإنجليز إلى ترحيل أهالي الحي البلدي، ورغم ذلك ازدادت عزيمة المصريين إصرارًا على قتال الإنجليز.
وما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى ثارت الحركة الوطنية مطالبة بإلغاء المعاهدة وتحقيق الاستقلال، وما كان من حكومة الوفد إلا أن استجابت لهذا المطلب الشعبي، وفي الثامن من أكتوبر 1951 أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس إلغاء المعاهدة أمام مجلس النواب.
في غضون أيام قليلة، نهض شباب مصر إلى منطقة القناة لضرب المعسكرات البريطانية في مدن القناة، ودارت معارك ساخنة بين الفدائيين وبين جيوش الاحتلال.
وفي الوقت الذي ترك أكثر من 91572 عاملا مصريا معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.
الأمر الذي أزعج حكومة لندن فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، ولم يعبأ الشباب بهذه التهديدات، ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة.
شهدت المعركة تحالف قوات الشرطة مع أهالي القناة، وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، فعملوا على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين، وتجريدهم من أي غطاء أمني، ورفضت قوات الشرطة تسليم المحافظة، رغم أن أسلحتهم وتدريبهم يسمح لهم بمواجهة جيوش مسلحة بالمدافع.
لم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة تابعة للمحافظة، لاعتقادهم أنها مقر يتخفى خلاله الفدائيون، مما أثار الغضب في قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق جميع شوارع القاهرة مليئة بجماهير غاضبة تنادي بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم.
ونتيجة لهذه البطولات الخالدة، فقد أقامت ثورة يوليو 1952 نصبًا تذكاريا بمبني بلوكات النظام بالعباسية تكريما لشهداء الشرطة، وهو عبارة عن تمثال رمزي لأحد رجال الشرطة البواسل، الذين استشهدوا خلال الصمود في الإسماعيلية.
وجرى إقرار هذه الإجازة الرسمية لأول مرة بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، باعتبار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن، واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك، وتم الإقرار به في فبراير 2009.