الجمعة 22 نوفمبر 2024 مـ 01:26 صـ 19 جمادى أول 1446 هـ
بوابة المواطن المصري

«الافتاء» توضح حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء

الاكتفاء بالغسل عن الوضوء
الاكتفاء بالغسل عن الوضوء

حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء هو ما يرغب في معرفته الكثيرون خاصة أن الصلاة لا تصح بدون وضوء، في الوقت الذي يغسل فيه الشخص جميع أعضاء الوضوء أثناء الغسل، ما يجعل من معرفة حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء أمرا مهما.

وورد إلى دار الإفتاء سؤال حول حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء وأجاب عنه مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء ليعرف الجميع حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء.

حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء

سأل يقول: هل يجوز الاكتفاء بالغسل عن الوضوء؟ وأجاب مفتي الجمهورية على السائل قائلا: نعم؛ يجوز الاكتفاء بالاغتسال عن الوضوء، وذلك إذا كان بنية رفع الحدث الأكبر وهو الجنابة، وكذا الحيض والنفاس للنساء؛ لأن رفع الحدث الأكبر يشمل رفع الحدث الأصغر.

فإن كان الاغتسال بنية غُسل الجمعة أو النظافة الشخصية ونحو ذلك، فيُشترط أن ينويَ أثناء الغسل رفع الحدث الأصغر حتى يصحَّ الوضوء.

وأضاف: من المقرر شرعًا أَنَّ من شروط صحة بعض العبادات -كالصلاة، والطواف، ومس المصحف الشريف- الطهارة مِن الحدثين الأصغر والأكبر.

والأدلة على اشتراط الطهارة للصلاة كثيرة؛ منها: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ». رواه البخاري.

وكذلك الأمر بالنسبة للطواف حول الكعبة؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ حَوْلَ البَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ». رواه الترمذي.

فالحديث يدلُّ على أنَّ الطوافَ يشترط فيه ما يشترط لصحة الصلاة؛ كالطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر.

وكذلك الأمر عند مسّ المصحف؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79]. فالآية الكريمة تدل على أنّه يُشتَرَطُ لمسِّ المصحف الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر.

ومن المقرر شرعًا باتفاق العلماء أَنَّ الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر عند توافر المياه تكون على النحو الآتي:

أولًا: الطهارة من الحدث الأصغر: وتكون بالوضوء، وهو عبارة عن غَسْل بعض أعضاء الجسد بالماء؛ كما في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].

وقد ورد عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه كيفية الوضوء؛ فروي عنه: أنّه دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه مسلم.

ثانيًا: الطهارة من الحدث الأكبر: وتكون بالغُسل، وهو عبارة عن غَسْل جميع أعضاء الجسد وتعميمه بالماء؛ يقول تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: 43].

وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: جاءت أم سُلَيمٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله، إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ». رواه البخاري. أي: إذا خرج المني فيجب عليها حينئذٍ الغسل.

أما بالنسبة لمسألة استغناء الشخص بالغُسْل -أي: الاستحمام- عن الوضوء في رفع الحدث الأصغر، فحكمه على هذا النحو:

أولًا: عند اغتسال الشخص بنية رفع الحدث الأكبر فإنه يلزم عليه أن يغسل جميع أعضاء الجسد ويعمِّمَهُ بالماء بما في ذلك أعضاء الوضوء؛ وذلك لما تقرَّر لدى العلماء أنَّ رفع الحدث الأكبر يشمل رفع الحدث الأصغر، وبالتالي فإنّ الغسل -أي: الاستحمام- يغني عن الوضوء.

ثانيًا: إذا كان اغتسال الشخص بنية غسل الجمعة أو النظافة الشخصية ونحو ذلك، فيلزم حينئذ أن ينويَ أثناء الغسل -أي: الاستحمام- رفع الحدث الأصغر حتى يصحَّ الوضوء.