«رينو» و«نيسان» تطويان صفحة الخلافات بإبرام صفقة تحالف جديدة
وقّعت "رينو" و"نيسان موتور" صفقة تهدف إلى تخفيف حدة التوترات القائمة بين الشركتين منذ فترة طويلة، ما يسمح للشركتين المضي قدماً لإعادة التوازن، بينما تواجه صناعة السيارات تحديات لم تشهدها من قبل.
كجزء من الاتفاق الذي توصلت إليه الشركتان بصعوبة، ستخفض "رينو" حصتها في "نيسان" من 43% إلى 15% لإعادة التوازن إلى علاقاتهما الرأسمالية، حسبما قال الشركاء اليوم الإثنين، ما يعالج مصدر خلاف طويل الأمد ساهم في إبطاء التعاون بينهما، في ظل وقت حرج تمر فيه شركات صناعة السيارات على مستوى العالم. تتضمن الاتفاقية أيضاً مشاريع مشتركة لتطوير العديد من الطرازات الجديدة على مستوى العالم.
تعتزم "نيسان" الاستثمار في مجال السيارات الكهربائية في "رينو"، التي تحمل اسم "أمبير" (Ampere)، والتي تم فصلها عن عمليات إنتاج محرك الاحتراق التقليدي ومجموعة نقل الحركة، مقابل حصة تصل إلى 15%، كما ستدرس "ميتسوبيشي موتورز"، العضو الأصغر في التحالف الثلاثي، الاستثمار في "أمبير".
لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي لشركة رينو، إلى اليسار، ورئيس مجلس الإدارة جان دومينيك سينارد.
لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي لشركة رينو، إلى اليسار، ورئيس مجلس الإدارة جان دومينيك سينارد.
اتفق الشركاء على التعاون في عدد من المشاريع الصناعية بموجب اتفاق نهائي لا يزال خاضعاً لعدد محدود من الشروط، ومن بينها موافقات الجهات التنظيمية المتوقع صدورها بحلول نهاية الربع الأول. ويُرجح إغلاق الصفقة بحلول نهاية العام.
يمكن لهذه المشاريع أن تولد أرباحاً بمئات الملايين من اليورو للشركات بمرور الوقت، وقد تصل إلى المليارات "إذا سارت الأمور على نحو جيد"، حسبما قال الرئيس التنفيذي لوكا دي ميو للصحفيين في مؤتمر صحفي في لندن، مُضيفاً: "لقد تم التقليل من أهمية هذه المشروعات حتى وقتنا الحالي".
تشمل المشاريع الجديدة تطوير عدد من الطرازات الجديدة في مواقع الإنتاج في أميركا الجنوبية والهند عبر منصات مشتركة، وكذلك في أوروبا، ومن بينها شاحنة "فليكس إيفان" (FlexEVan) الكهربائية. سيتعاون الشركاء أيضاً فيما بينهم لشحن المركبات الكهربائية وإعادة تدويرها في مركز "رينو" الأساسي.
يهدف الاتفاق إلى دفع شراكة يقارب عمرها 24 عاماً تقريباً، شهدت انهياراً بعد سقوط رئيسها السابق كارلوس غصن عام 2018. ستُوضع صفقة التحالف الجديدة لفترة أولية مدتها 15 عاماً.
محادثات مستمرة
يتوِّج اتفاق اليوم شهوراً من المفاوضات المعقدة التي ازدادت حدة صعوبتها بسبب اختلاف المناطق الزمنية، فغالباً ما تُعقد الاجتماعات الحاسمة افتراضياً عند منتصف الليل، كما أدت الاختلافات الثقافية بين فرنسا واليابان إلى سوء فهم متكرر، ما أدى إلى تفاقم الشكوك المتبادلة التي أعاقت التحالف لسنوات.
من جهته، قال تاتسو يوشيدا، محلل "بلومبرج إنتليجنس": "بالنسبة إلى (نيسان)، إن منح المزيد من الحرية في إدارة الشركة يُعدّ تطوراً إيجابياً. تُعتبر هذه المشاريع في الأساس مبادرات راكدة حتى الآن، وكان ينبغي على التحالف أن يعمل عليها سابقاً. في حال أعادت (نيسان) شراء أسهمها وإلغاء هذه العملية لاحقاً، فسينعكس ذلك إيجاباً على سعر سهمها، لكن بالنظر إلى سيولتها الحالية، يُستبعد حدوث ذلك في الوقت الحالي".
رؤية "دي ميو"
عمل "دي ميو"، الذي تحدث علناً لأول مرة عن خطة لإصلاح "رينو" في فبراير الماضي، منذ أشهر لإعادة بناء الثقة مع الرئيس التنفيذي لـ"نيسان" ماكوتو أوشيدا، سعياً إلى إعادة التوازن وضبط الشراكة بينهما. تكثفت المناقشات في أكتوبر عقب لقاء "أوشيدا" والرئيس التنفيذي للعمليات أشواني جوبتا في اليابان مع "دي ميو" وفرانسوا بروفوست، المشرف على شراكات "رينو".
يساعد الاتفاق على التخفيف من حدة عدم التوازن الذي شكّل مصدراً للتوترات والاستياء بين الشركتين على مدى السنوات. في حين أن "رينو" تمتلك حصة كبيرة في "نيسان"، إلا أن شركة صناعة السيارات اليابانية باعت 3.3 مليون سيارة في 2022، مقارنةً بشريكتها التي وصلت مبيعاتها إلى 2.05 مليون سيارة.
وتمتلك "رينو" بموجب حصتها حقوق التصويت، على عكس "نيسان". وقبل خمس سنوات، كانت المخاوف من أن بسعي "غصن -رئيس الشركتين وتحالفهما في ذلك الوقت- إلى بلوغ تكامل أوثق، بما في ذلك عملية دمج الشركتين، عاملاً في الإطاحة به واعتقاله بتهمة عدم الإبلاغ عن التعويضات.